بوابة المالكية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وجهات نظر صبري يوسف في استفتاء إيلاف الشعري

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

وجهات نظر صبري يوسف في استفتاء إيلاف الشعري Empty وجهات نظر صبري يوسف في استفتاء إيلاف الشعري

مُساهمة من طرف صبري يوسف الإثنين نوفمبر 26, 2007 11:55 pm

استفتاء إيلاف الشعري



استفتاء إيلاف الشعري

ما جدوى الشعراء في زمان البأساء والضراء؟ (1)

عبدالقادر الجنابي: الشِعرُ، في خريف اللغة، يلمحهُ عابرٌ لحظةَ سقوط ورقةٍ من شجرةٍ جالسٌ عندها، يسرقهُ آخرُ من وقع عكاز الأعمى، يكتبه صحافيٌ شعارَ معركةٍ. الشعر، "أكثر المشاغل براءةً"، تبعثر مضيء عبر لافتة الزمن... غالبا ما يتراءى على ملصق إعلاني، وسط عواصف المفردات، في دفتر يوميات مراهقةٍ تبدأ حياتـَها على فراش.

مُـنبعثًا من رحم تجربة فردية محضة، الشعرُ، في كلّ قراءة، تجربةٌ أُخرى... هناك من يريد قصيدتَهُ أن تنطقَ رفضَه، وهناك من يريدها علامةَ إنجاز حياتي، وما يلبث أن يشعر بعجزها – بلا جدواه... الشعر: كلُّ هذا وليس.

لكل زمن شعر، للشعر كل الأزمنة. فـ"ماهية الشعر"، والكلام هنا لهايدغر في معرض حديثه عن هولدرلن، "ماهية تاريخية في أعلى مراتبها، لأنها ارهاص بزمان تاريخي، ولكن باعتبارها ماهية تاريخية، نراها هي الماهية الأصيلة الوحيدة".

من هنا تنبثق أهمية هذا التساؤل الهولدرليني: ذلك أن "ما جدوى الشعراء..." هو أيضا سؤال في معنى الشعر وجدواه في زمن شحاحٍ إيقاعيا، حياتيا، روحيا ووو.....

إن كلمة dürftig ، كما أشار المترجم الفرنسي*، لا يمكن رصدها بكلمة واحدة، فهي، في آن: نزر/ نزارة، شحّ، قليل، ضحل، واه، ضعيف، فقير، بائس... باختصار ضرّاء أي نقص: ما جدوى الشعراء في زمان الضراء؟ لكن الفيلسوف عثمان أمين، الذي أعتمدنا ترجمته للقطعة السابعة من رائعة هولدرلن "الخبز والنبيذ"،، ليس فقط لضرورة إيقاعية، أضاف البأساء، وإنما ليغطي المعاني الضمنية:

"ولكن أيّها الصديق، لقد جئنا بعد فوات الأوان متأخرين
صحيح أنّ الأرباب يحيون؛
ولكن فوق رؤوسنا، في عالم آخر
بلا نهاية هنالك يعملون ويلوح أنّهم لا يبالون
بحياتنا إلاّ قليلاً، من فرط عنايتهم بنا.
لأنّ وعاء هشّاً سريع العطب
لا يستطيع أن يحتويهم دائماً.
في لحظات وجيزة من الزمان
يتحمّل الإنسان عبء الوجود الربّاني.
والحياة ما هي إلاّ حلم من أحلام هذه اللحظات.
ولكنّ الجنون، كسِنة من النوم، عون لنا؛
وإنّما في الشدائد والليلة الظلماء قوّة.
فإلى أن يحين وقت يشبّ فيه من المهد الحديدي أبطال
تكون لهم كما في الزمن الغابر قلوب قويّة كقلوب الأرباب
ثم يجيئون تسبقهم الوعود والبروق،
إلى أنْ يحين ذلك اليوم كثيراً ما يخيّل إليّ
أنّ النوم خير لنا من أن نكون هكذا بغير رفاق.
أفأظل على هذه الحال؟ وماذا أعمل في الانتظار
وماذا أقول
لست أدري: وأسأل نفسي:
ما جدوى الشعراء في زمان البأساء والضراء؟
ولكنّك تقول: إنّهم مثل كهان ديونيزوس
يهيمون على وجوههم من بلد إلى بلد
في الليلة المقدسة."
(ترجمها عثمان أمين)

والآن إلى أجوبة الحلقة الأخيرة:

..................................................................

صبري يوسف (شاعر سوري): الشعر ولادةُ طفلٍ على إيقاعِ زخّاتِ المطر


وما ذنب الشعراء في زمنِ إنشراخِ رؤى ساسات هذا العالم إلى أعتى درجاتِ الوباء؟!
وما ذنب الشِّعر ممَّا يحيطه من سمومٍ مشرشرة في نصاعةِ الدِّماء؟!
ص.ي.
الشعراء قناديل مضيئة في هذا الزمنِ الأهوجِ، منارة الرُّوح الشامخة في أعالي الجبالِ، بحار مزدانة بأعشاب الخلاصِ، والشِّعرُ حفيفُ نحلةٍ غارقة في ولادةِ العسلِ من رحيقِ الزُّهورِ، موجةٌ وارفة فوقَ أرخبيلاتِ العمرِ، شعاعاتُ فرحٍ منبعثة من تكويرةِ النَّهدِ، ولادةُ طفلٍ على إيقاعِ زخّاتِ المطرِ، لونُ البداياتِ وضياءُ النَّهاياتِ، جنّةٌ مزدانة بالغزلانِ والبلابلِ المغرّدة تغريدةَ الرَّحيلِ، حوارُ الأرضِ مع قبّةِ السَّماءِ، حلمٌ معبّقٌ بأريجِ الطُّفولةِ، ابتساماتُ ورودٍ غافية فوقَ نهودِ التِّلالِ، شلالاتٌ هائجة مثل إهتياجِ البراكينِ، صوتُ الإنسانِ المتسامي فوقَ حافّاتِ الغمامِ، نداوةُ زهرةٍ مكحَّلة بدموعِ الشَّوقِ، الشِّعرُ صديقُ روحي وبهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ، هو صديقتي الأزلية الشهيّة مثل أريجِ الغاباتِ، نورُ العتمةِ التي أعبرها على ايقاعاتِ حفيفِ اللَّيلِ، حبقُ النّعناعِ المستشري في صحارى الرّوحِ، أجنحةُ حمامٍ مرفرفة فوقَ ينابيعِ الخيرِ، مهارةُ سمكةٍ تعبرُ أعماقَ البحرِ لانتشالِ محارةٍ مكتنزةٍ ببخورِ العيدِ، خلاصُ الإنسانِ من ترّهاتِ الحياةِ، رحلةُ اخضرارٍ في ظلالِ العمرِ، موسيقى هائمة فوقَ وجنةِ الحلمِ، فوقَ أرجوحةِ الحنينِ، لغةُ نديّة من لونِ الشَّفقِ القزحيِّ، مناجاةُ الرُّوحِ للحميمياتِ المختطفة من وجنةِ الحياةِ، حوارُ القلبِ معَ سكونِ اللَّيلِ، معَ خريرِ السَّواقي، معَ أغاني الغجرِ الصادحة في أعماقِ البراري.
الشِّعر هو الغدُ الآتي المسربل بالقرنفلِ، بسمةُ عاشقة متلألئة اهتياجاً فوقَ أمواجِ البحارِ، هو سديمُ الذَّاكرة المتلألئ حولَ مسقطِ رأسي، غفوةُ طفلِ بينَ أحضانِ أمِّهِ، خيوطُ الضُّوءِ المنبعثة من مروجِ السَّماءِ، ذكرى معبّقة بعناقيدِ التِّينِ، بأيامِ الطُّفولة المزدانة بالأعشابِ البرّية، حنينُ المجرّة إلى وهادِ الأرضِ، طراوةُ ليالي الحصادِ المكتنزة بالسَّنابلِ، هو باقاتُ الحنطة المبعثرة على وجهِ الدُّنيا، هو دالياتي الخضراء، عناقيدُ عنبِ "البحدوْ والدارْ كفنارْ" التي قطفتها في صباحات ديريك الباكرة، هو شوقي العميق إلى أزقّتي الطِّينيّة، صوتُ المدفأة وهي تنشدُ أنشودةَ الدُّفءِ في ليالي الشِّتاءِ الطَّويلة، دبكةُ "باكيّة" في ليلةٍ منعشة محفوفة بالقهقهاتِ.
الشِّعرُ عشقٌ لا يقاوم، صوتُ فيروز في صباحاتي الباكرة، براعمُ شوقي العميق إلى أصدقائي الّذين تعفّرتْ وجوههم بضبابِ غربةِ هذا الزَّمان، هو حالةُ تجلٍّ متسامية مع هلالاتِ النُّجومِ، ارتعاشاتُ عشق القمرِ لخدودِ البحرِ في ليلةٍ قمراء، شوقُ الجندي المرمى على خطوطِ الموتِ إلى أحضانِ الحياة، هو كلمة متراصّة بالمتاريسِ في وجهِ جلاوزةِ هذا الزَّمان، في وجهِ طغاةِ هذا العالم، هو تجلِّياتُ صعود الرُّوحِ فوقَ موجةٍ هائجة تحنّ إلى الارتماءِ بين أحضانِ الغسقِ، نقاوةُ الثلجِ وهو يهطلُ فوقَ جفونِ المساء، حديقة وارفة بالفرح، وداعُ الإنسانِ لوجهِ الثرى في ليلة مكتنفة بالآهاتِ، آهات عبورنا للحياة، وآهات الرّحيل، هو دمعةُ أمٍّ قبلَ أن تودِّعَ غمائمَ الحياة.
الشِّعر حلمي المفهرس بأغصانِ البيلسان، هو أنثى معفّرة ببهجةِ الحياةِ، صديقةٌ غافية على خاصرةِ الرُّوحِ تنتظرُ نسائمَ البحرِ في ليلةٍ عذراء، هو قارئ مجهول يحبُّ حرفي وينتظره مثلَ طفلٍ ملحاح لمشاهدةِ هدايا العيدِ، هو وردةٌ متفتّحة عند الضُّحى على إيقاعِ أجراسِ الرَّحيل، حالةُ إندهاشٍ على مدى رحابِ العمرِ، هو رحلتي الفسيحة في سماءِ غربةٍ مترجرجة بتدفٌّقاتِ لظى الاشتعال، هو غربتي العميقة في الحياةِ، أنشودتي الأزلية التي أغفو فوقَ خدودِها كلّ يوم، هو شهقتي الأولى عندما ولدتني أمِّي بين باقاتِ الحنطة وقمَّطتني بالسَّنابلِ لهذا أحنّ إلى اخضرارِها حتى في رحابِ الحلمِ.
الشِّعرُ صديقُ الكائنات كلَّ الكائنات، صديقُ اللَّيلِ والنَّهارِ، صديقُ البساتينِ والبحارِ والأنهارِ والصَّحارى المحفوفة بالرِّيحِ الهائجة، صديقُ البراري الوديعة والذئاب المروّضة على عبورِ البحرِ في عتمِ اللَّيلِ، هو أغنية مفتوحة على خاصراتِ الأماسي الغافية فوقَ أحلامِ البحارِ، هو عناقُ عاشقٍ لعاشقة من لونِ السَّماءِ، هو سيمفونية مكتوبة على إيقاعاتِ حفيفِ الرِّيحِ، هو بسمةُ طفلٍ في صباحٍ ممطر، هو لونُ البدايات والنّهايات، هو أسطورة مبرعمة في أعماقِ المغائرِ المنسيّة، هو صوتُ الضَّمير الحيّ في قلبِ الإنسان، هو محبّة الطَّبيعة والمروج المنعشة للروحِ، هو روحٌ هائجة متمرِّدة تعبرُّ ضجر الحياة بهمّةٍ لا تلين، هو صوتُ الحنينِ الغارقِ في أعماقِ الذاكرة، هو الذاكرة المتلألئة في بحيراتِ المحبة، هو أمُّ الأمّهات وخصوبةُ الخصوبات، هو ترتيلة عشقٍ منبعثة من ضياءِ النُّجومِ، هو نجمةُ الصَّباحِ في ليلة مهتاجة بالفرحِ، هو قصيدةُ حبِّ مفتوحة على شهيقِ الحياةِ!
الشِّعرُ هو شوقُ أختي المغموس في غربةِ الرُّوحِ، هو وداعةُ الحمامِ المبرعمة في قلبِ الطُّفولة، هو تنهيدةُ أبٍّ فقد ابنه الوحيد على خطِّ النارِ، هو تحدّي عميق الأغوار لجلاوزة هذا الزَّمان، مهمازٌ مرفوع في وجهِ حروبٍ طائشة، في وجه مجانين هذا العالم، حروفٌ متلألئة بشهيقِ السماءِ، بسمةُ الهلالِ في ليلةٍ قمراء، هو حنينُ الرُّوحِ إلى ضفافِ الأمانِ، هو الفجرُ المفهرسُ بحبّاتِ الحنطة، أنشودةُ الغجرِ الصادحة بين رحابِ المروجِ، مشاعرٌ حيّة متلألئة في تجلِّياتِ الخيالِ، وشمٌ ناصعُ البياضِ رغمَ المراراتِ، سموُّ الروحِ فوقَ أنينِ الآهاتِ، اهتياجُ أمواج البحرِ في وجهِ البلهاء، ما جدوى الحياةِ من دونِ الشُّعراء، من دونِ فيروز وهي تغنّي غناءً يبلسم الرُّوح ويعطي نكهةً لوجهِ الضياء؟! الشِّعرُ صوتُ وديعُ الصافي المتعانقِ مع صفاءِ الوفاءِ، لواءٌ مرفوع في وجهِ حروبٍ معفّرة بكلِّ أنواعِ الغباءِ؟! الشِّعرُ ذهبٌ مصفّى يتناثرُ بريقه فوق تعبِ الفقراءِ، نصيرُ الجياعِ في رحابِ الارتقاءِ، صديقُ العصافيرِ وزرقة السَّماءِ، خفقةُ طائرٍ يغرِّدُ تغريدةً من لونِ الصَّفاءِ، حفيفُ الرِّيحِ المكتنزة بنداوةِ الماءِ، صديقُ الطبيعةِ المزدانة بأبهى أنواعِ العطاءِ، نارٌ متأجّجة في وجهِ الجفاء، تربة خصبة متماهية مع قلوبِ الأبرياءِ!
الشعر حلم الزمنِ الآتي، حلمٌ مبرعمٌ من خيوطِ الشَّمسِ، من هبوبِ النَّسيم، رحلةُ فرحٍ في محرابِ الأصدقاءِ، صرخةُ طفلٍ في وجه حمقى هذا الزَّمان، بواّبةٌ وارفة حبلى بالخيرِ، حدائقٌ يانعة مقمّطٌة بالمحبّةِ، رسالةُ حكمةٍ منقوشة على أغصانِ الزَّيتونِ، أغنيةٌ متراقصة مع حبّاتِ المطرِ، مع عتمِ اللَّيل وضياءِ النّهارِ، حنينُ الرّوحِ إلى اخضرارِ الأزهارِ!

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

نقلاً عن موقع إيلاف

http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphLiterature/2005/12/112945.htm


صبري يوسف

ذكر
عدد الرسائل : 56
تاريخ التسجيل : 31/10/2007

http://www.sabriyousef.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وجهات نظر صبري يوسف في استفتاء إيلاف الشعري Empty رد: وجهات نظر صبري يوسف في استفتاء إيلاف الشعري

مُساهمة من طرف edmon zako الجمعة ديسمبر 21, 2007 1:31 am

اراء رائعة ولكنها غير اعتياديبة او تقليدية فهي تحمل نفس الشعراء المحلقين في عوالم الابداع غير المنظورة
edmon zako
edmon zako
Admin

ذكر
عدد الرسائل : 580
الموقع : www.derikcity.com
تاريخ التسجيل : 28/09/2007

http://www.derikcity.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى