مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بالحسكة يكشف «نصّاب» التعيينات

لو أن علياً كان يعلم ان (إع) يتربص به ويراقبه عن كثب، عاداً عليه حركاته وسكناته، لما توجه في ذلك اليوم وتلك اللحظة الى المحاسب، لقبض راتبه ورواتب زملائه في المكتب، ضمن مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بالحسكة.

فمن سوء حظ علي، ان (إع) اقنع احد الاشخاص انه قادر لقاء مبلغ من المال، على ترشيحه من مكتب التشغيل للعمل في احدى دوائر الدولة، كونه كان موظفاً في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، ويعرف جميع الموظفين هناك. وفي يوم تسليم الرواتب اصطحبه (إع) الى مقر مديرية الشؤون. اخذ جزءاً من المبلغ المتفق عليه، ثم تركه عند الباب الخارجي ودخل الى المديرية يتحين الفرصة المناسبة، ،ولم يكد نظره يقع على علي وهو يعدّ الرواتب على صحن الدرج بعد خروجه من غرفة المحاسب، حتى صرخ في سره وجدتها فتقدم على الفور وسلم على علي، ووقف بجواره ملوحاًَ لذلك الشخص لكي يراه. وبعد ان دخل علي المكتب عاد (إع) لصاحبه وهو يبتسم، وسأله: ها.. أكيد رأيته وهو يعد النقود التي اعطيتها له؟ وقبل ان يكمل ذلك الشخص الهزة الثانية من رأسه بالايجاب، اخذ منه (إع) بقية المبلغ واختفى، دون ان يقدم له شيئا لا كتاب ترشيح ولا من يحزنون. ولو لم تشأ العناية الالهية ان يتعرف الشخص الضحية، الذي ادعى على علي بجرم الرشوة على اساس انه شريك (إع) ، وبالصدفة البحتة في بهو القصر العدلي على (إع) الذي كان يتعامل مع ضحاياه باسماء وهمية، لأصبح علي وسمعته في خبر كان. ‏

دود الخل (ليس) منو وفيه ‏

كما راجع عدد من المواطنين السيد محمد حسن بربهان مدير الشؤون الاجتماعية والعمل، مصطحبين معهم كتب ترشيحهم من مكتب التشغيل التابع للمديرية، للعمل في عدد من المؤسسات الحكومية. لان تلك المؤسسات رفضت تعيينهم. وبالطبع لم يكن السيد بربهان بحاجة لكثير من الجهد لمعرفة كنه تلك الكتب بمجرد ان وقع نظره عليها. فقد ادرك على الفور انها مزورة، وان هؤلاء المواطنين البسطاء وقعوا ضحايا لاحد النصابين. وبقدر ما تأثر لوضعهم بقدر ما شعر بفرح كبير وسعادة لا حدود لها لانه (اي المدير) تمكن من خلال ذلك حل اللغز الذي حيره وحير كافة الجهات المختصة، عن مصدر الاشاعات التي يتحدث بها الناس في محافظة الحسكة، عن ترشيحات مكتب التشغيل. حيث راحت سيرة كافة العاملين في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل وليس العاملون في المكتب فحسب تلوكها الالسن، مما عرض سمتعهم وسمعة المديرية للتشويه. ‏

ومنذ ان بدأت تلك الاشاعات بالظهور لم يأل المدير جهداً لكشف الحقيقة، ومعرفة مصدر تلك الاشاعات، وهل لها اساس من الصحة؟ وعقد العزم على محاسبة كل من يثبت تورطه بأية مخالفة او تجاوز كائناً من يكون. لكن ورغم ذلك، كانت لديه قناعة اكيدة، ان العاملين في المديرية وفي مكتب التشغيل، لا علاقة لهم بما يحصل اي ان دود الخل هذه المرة ليس «منو وفيه» كما يقال، اذ ان اللعبة بكل عناصرها وابطالها من خارج المديرية قطعاً. ‏

وبقي المدير على احساسه هذا الذي يكاد يرقى الى مستوى القناعة واليقين، الى ان اثبتت الايام صحته، من خلال مراجعة هؤلاء المواطنين له فقام بناء على ذلك بتوجيه كتاب بالوقائع التي حصل عليها مرفق بالوثائق للسيد المحافظ الذي احاله بدوره للجهات المختصة. ومن خلال التحقيق تبين ان من يقف وراء هذه العملية القذرة، موظف سابق في المديرية يدعى (إع) تم فصله من العمل لسوء سلوكه، ولتلقيه رشاً من عدد من المواطنين بنفس الطريقة. وهي ايهامهم بقدرته على تشغيلهم في احدى المؤسسات الحكومية. ‏

لم يرتدع ‏

وتبين ان فترة السجن السابقة التي قضاها (إع) لارتكابه الجنايات ذاتها، لم تردعه وتعيده الى جادة الصواب. واعترف باستغلاله حاجة الناس للعمل، والقيام بالنصب والاحتيال على عدد منهم. ‏

ومن اجل ذلك اخذ منهم مبالغ مالية مختلفة، اعلاها مبلغ 365 الف ل.س من نايف خليل الخلف. ‏

كما اعترف بتزوير كتب ووثائق رسمية، ككتب ترشيح من مكتب التشغيل وكتب موجهة لقيادة الشرطة لتبليغ المرشحين لمراجعة الدوائر المرشحين اليها. وزاد على ذلك بتزويره قرارات تعيين لبعضهم في عدد من المؤسسات وكل هذه الكتب ممهورة باختام مزورة. ‏

ووفق المادة 448 بدلالة المادة 445 عقوبات، جرمته المحكمة بجناية التزوير باوراق رسمية، كما جرمته بجناية الاحتيال وفق المادة 640 عقوبات. وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات مع اشغال شاقة، وبرد المبالغ المالية لاصحابها، ودفع تعويض مالي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ‏

ليسدل بذلك الستار على احدى اكبر عمليات النصب والاحتيال، التي طالت المواطنين والعاملين في مديرية الشؤون بالحسكة، لفترة من الزمن. ‏