أسامينا وأهالينا

من كتاب ( ديريك ) للكاتب جمال الولي
المدينة على الرغم من اتساعها , وزيادة عدد السكان فيها , ما زال الناس يتعرفون على بعضهم من خلال الأسماء , حيث درجت العادة منذ زمن بعيد لتطلق كل عائلة على نفسها لقبا أو صفة تحولت مع الزمن إلى اسم ؟ ما انفكت تحمله مع الأجيال في نفس الأسرة , وتنتقل تلك التسمية أو اللقب من الجد إلى الأبناء ثم إلى الأحفاد . المسيحيون باستثناء من حملوا لقبا دينيا لأن أحد أجدادهم كان رجل د ين ( قس) فأطلق هذا اللقب و تحول فيما بعد إلى كنية يكنون بها؟ منهم أغلبية العائلات ظلت محتفظة بلقبها الذي تعرف به , وعلى سبيل المثال وليس الحصر , أو بقصد آخر لهذه الألقاب :طبطب(وقع الأقدام) , بصلو(بصل) , طافي(غيمة) , حودلكو (ضحل), كيفجالي (سرطان) , هوري(ناعمة أو صغيرة الحجم), زيني(جميلة) , سوسي (علة أو إدمان), جعو(مشاغب), رشي(سوداء), شابور (عامل مجته), كرتو(قصير), هاجركو (مهاجر), رازاي(نائم), كيجو(مترنح), جورتانو(جبن مخزن), دلالي(دلال), برخو( خاروف), صولكرين(صانع أحذية). ونلاحظ إ طلاق لقب الأم على الأسرة , وتلك ميزة هامة لابد من الإشارة إليها؟المسلمون يتعرف على بعضهم من خلال لقب العائلة المعروف في المدينة و الريف و منها : باشا(زعيم عشيرة), عكيد(قيادي), آغا(إقطاعي), جب(يسار), جتو(شجاع), ميرو(أميرأونمل), ييكيه(تساؤل أو سيدة مرموقة), خوخي(خوخ), كولك(حانوت صغير), طفرو(فجل), معزول(معبد). أما بعض العائلات التي جاءت من المحافظات الأخرى , ووطنت ديريك فأطلق عليها نفس كنياتها التي جاءت بها : (الشامي – حديد- الحفار- الديري). و هناك عائلات تعرف بلقب (سيد), فقه(فقيه)لقب لعائلة كبيرة ,كلا اللقبين يحملان طابعا دينيا . و الملاحظة الجديرة بالتعرف عليها , هو إطلاق اسم الجد أو الأب على الطفل المولود , لذا نجد أن كل الأسماء الشخصية المتعارف عليها هي قريبة الشبه من بعضها ضمن نطاق الأسرة الواحدة , وهذا ينطبق على المسيحيين و المسلمين في المالكية . و يمكن ببساطة شديدة التعرف على أ حدهم من خلال معرفة اللقب الملتصق به وكأنه أهم العناوين للإنسان بل أكثرها ألفة. وحين يتغافل القوم عن ذاكرة تتعلق بهم أو بمصيرهم الذي كان أو الذي سيكون يمتشق صوت من وسطهم شامتا بذبولهم وجفاف ذاكرتهم ؟ فيلوذون بالصمت , و يسيرون على ذلك البساط المزركش من بدايته. الذاكرة المرتبطة بالاضطهاد و الظلم تبقى حية ولا تند ثر ؟ وتنتقل عبر النسل , ويوثقون ذلك بكل الوسائل المتاحة , حتى لو بالموثوقية الشفاهية , وهو الأمر الغالب على التوثيق هنا . الذين بقوا على قيد الحياة و لا زالوا يشهدون الزمن في تحولاته , يتدثرون بمتعة المقارنة , فتصيخ الأسماع لهم بكل هدوء , وهم يستنهضون التاريخ من سباته و يلبسونه اللحظة الجديدة بتفاصيل مشوشة بداية , ثم تتفتح النوافذ المغلقة تباعا و تفك مزالج المصاريع التي غطاها غبار السنين وصدأ الأيام , وتتفتح الصفحات كالجراح مؤلمة حينا , ومستبشرة حينا ؟!