بوابة المالكية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الوجه الآخر للحب

اذهب الى الأسفل

الوجه الآخر للحب Empty الوجه الآخر للحب

مُساهمة من طرف dima الثلاثاء نوفمبر 27, 2007 6:57 pm

الوجه الآخر للحب I love you
لا أعرف كيف التقيا ولا كيف تزوجا رغم أنني ألقيت هذا السؤال مرات. وأظن أنهما التقيا في العمل.
كان هو شاباً وسيماً طويل القامة أنيقاً وبالطبع وكان يتصف بثقل الظل فضلا عن شيء من الغباء.
أما هي فكانت جميلة رغم تأففها من كل شيء، وضيقها من الناس جميعا، وكانت أثقل ظلا منه
وأعتقد أنهما التقيا في قصة حب - حتى ولو كانت سريعة - وصلت بهما إلى الزواج. وأستبعد الرواية العائلية التي تقول أن «طه» عندما رأى «محسنة» لأول مرة. قال لها:
ـ أعرف أنها وقاحة مني. لكنني لا أستطيع أن أكتم مشاعري معك.
أرجوك اسمعيني. أنا لست زير نساء. ولا أخاطبك لغرض مما يجول بخاطر شبان هذه الأيام. أنا لا أعرف كيف أذوق الكلمات . بصراحة يا آنسة محسنة عندما رأيتك لأول مرة أحسست بكراهية عميقة! !
وتحكي الرواية العائلية- وأظنها غير صحيحة- أن محسنة تضرج وجهها بالاحمرار وخفضت رأسها وقالت له:
ـ لا أستطيع أن أخفي عنك مشاعري يا أستاذ طه، فالمشاعر تبدو لي في العيون: أنا أيضا أكرهك!
وهكذا جمعتهما قصة كراهية - كما تقول الرواية العائلية التي لا أصدقها - وأخذ كل منهما رقم تليفون الآخر، وكانا يتكلمان بالساعات بعد نوم الأهل. وكل منهما يبث الآخر لواعج كراهيته. ثم أخذا يلتقيان. بالطبع اللقاء الأول كان لقاء تاريخيا. يقال إن طه قال عنه مبتسما: كدت أدفعها أمام سيارة مسرعة!
ويقال ان محسنة قالت: ما جعلني أصر عليه هو تخيلي أن في عصير البرتقال سما سيقضي عليه!
ولم يكن من الممكن أن تستمر هذه الحالة طويلا، فهما من أسرة محافظة.
ولم يكن أمامها إلا الزواج. وفي صدر الصالون صورة زفاف كبيرة تتأملها محسنة أمام الضيوف
وتقول: أسود يوم في حياتي! أما طه فيهز رأسه أسفا ويقول : أسود يوم في تاريخ البشرية!
ومضت بهما الحياة فأنجبا بنتا وولدين. وحققا تقدما في حياتهما المادية، وفي النهاية تولى طه منصبا كبيرا، ثم خرج على المعاش وأصابه الزهايمر لكنه - على دهشة الأطباء - لا يميز سوى محسنة ويصرخ طالبا إبعادها، وهي ترفض الامتناع عن زيارته فهي الفرصة التي تنكد عليه فيها
وتقول الرواية العائلية ان هذه «أجمل» قصة كراهية وأنها تتفوق على قصة قيس وليلى وروميو وجوليت في الحب.
وأتساءل هل يحتاج الإنسان الى أحد يكرهه كما يحتاج الى أحد يحبه؟!
صديقي الاستاذ الجامعي لا يكاد يجلس معي حتى يبدأ الحديث عن زميله الاستاذ الجامعي. ولا يترك صفة سيئة إلا وألصقها به. وتعود بداية قصة الكراهية الى اشتراكهما في مشروع ثقافي واحد. أحدهما اتهم الآخر بأنه وشي به لدى رؤسائه، والثاني اتهم الأول أنه أراد إفشال جهوده العبقرية في المشروع.
وكانت تلك بداية القصة. صديقي لم يدخر شيئا لم يفعله للآخر، الذي أظنه كان يرد عليه بأحسن مما فعل. كان يكتب الشكاوى الى إدارة الجامعة والى جهات الأمن والى بريد الصحف. قلت له ذات يوم: لو أنك وفرت هذا المجهود لابحاثك لصرت أينشتاين!
وتوقعت أن تنتهي الكراهية بين الاستادين ذات يوم، فهما يعملان في نفس المكان وتجمعهما لجان وما شابه. ولكن الكراهية زادت. ولم يتنازل أحد عن عضوية لجنة حتى يستريح ويريح، فهو يريد من الآخر أن يذهب، أما هو فباق وإذا لم تكن تعرف صديقي فستجد أن كلامه - كما كان طه حسين يقول - يوناني لا يفهم؟ فهو يقول: بالطبع أنا لست مع التمييز العنصري ولكن لاشك أن في البشرية أجناسا أدنى مثل الدكتور فلاني!
ولما كان الموقف أكاديميا ومحترما، فإنك ستحس بالدهشة. ما هذا الذي يقال؟
وقد أشاع زملاء صديقي أنه وضع صورة غريمه في مدخل بيته حتى يسبه في دخوله وخروجه.
ومن الصدف الغريبة أن كلا منهما أصبح رئيسا في الشهر الماضي لمؤسسة يتشابه نشاطها مع الأخرى!
وللدكتور شكري عياد قصة جميلة لا أذكر هل عنوانها «الغروب» أو «بعد الغروب». عن رجل على التقاعد. يستيقظ ليجلس في الشرفة يقرأ الصحف. وذات مرة استوقف زوجته صائحا: ـ سبحان الله لقد مات فلان!
وتتساءل الزوجة من فلان هذا؟ إنها لا تعرفه! ويكتشف أنها فعلا لا تعرفه. لكن كان زميله في المدرسة وكانا يتنافسان على الأولوية. ثم دخلا الجامعة. نفس الكلية: الهندسة. وأيضا كانا يتنافسان على الأولوية. لكن صاحبنا اتهم أنه خرج في المظاهرات ففصل «تيرما» وهكذا أصبح متأخرا عن زميله نصف عام. عين زميله في الوظيفة قبله ثم ترقى قبله فتعمقت الكراهية. ثم كانت الطامة الكبرى عندما اختير لمنصب كبير. كانت صوره تنشر في الصحف وكان صاحبنا حريصا على تأمل الصور، ومدى ثراء ملابسه .
يكتشف صاحبنا أن حياته كلها قضاها في كراهية زميله. ولكن ها هو زميله مات، وتمر به الزوجة فتجده أيضا قد مات.قالت لي - وهي أيضا كاتبة –
إن البعض يحتاجون لشخص يحبونه ليعيشوا. ولكن هناك من يحتاج الى شخص يكرهه ليعيش!
كنا نتحدث عن زوجها، وكانا صديقين منذ أيام الدراسة، وعشت قصة حبهما وزواجهما وطلاقهما الذي أسف عليه الجميع. ولم أسأل أيهما عن سبب الطلاق، فأنا أرى أن هذه القصص ملك لأصحابها وأن أي تدخل فيها لا يفيد وربما يضر.وبعد الطلاق استمرت صداقتي بهما كل على حدة دون أن أعرف، فلقد اكتفيت بمعرفة أن ذلك لم يكن منه مهرب.ولكن الزوجة وبعد سنوات طويلة، وربما في لحظة صفاء، وربما لأنني امتدحته قالت:
هذا صحيح فليس هناك من هو أرقى منه ولا أكثر ثقافة بل ولا أكثر رقة. لكنه يحتاج الى شخص يكرهه! أعتقد أنه كان يلجأ أحيانا للصدفة في الاختيار. بالطبع كان هناك مبرر لفلان أو فلان! ولكن أحيانا لا يكون هناك سبب واضح، ومع ذلك يعلن عليه الكراهية، ويهاجمه ليل نهار، مثلا، ذات مرة كنا جالسين نتحدث عن الديمقراطية، وقال كل منا رأيه، وبالطبع كان هو صاحب الرأي المحوري. ولكن أحدهم قال إذا كانت الديمقراطية هي التعبير عن آراء الناس فأنا أشك في أن الأسلوب البرلماني أو الانتخابات تستطيع التعبير حقا عن الناس! وفي تلك اللحظة قرر أن يكرهه.
وظل في ذلك نحو ستة أشهر. قلت لها: ولكن هذا رأيي أيضا!
ابتسمت ابتسامة ساخرة. وأنهت الحديث
dima
dima

انثى
عدد الرسائل : 60
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 06/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى