بخور الأساطير القديمة ـ 2 ـ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
بخور الأساطير القديمة ـ 2 ـ
بخورُ الأساطيرِ القديمة ـ 2 ـ
من وحي قراءتي نصّ: عودة ليليت*، لجمانة حدّاد
أنشودة الحياة ـ الجزء السَّابع
القسم الثَّاني
[نصّ مفتوح]
إهداء: إلى الشَّاعرة الدافئة ببهجةِ الشّعر جمانة حدَّاد
أنشودة الحياة ـ الجزء السَّابع
القسم الثَّاني
[نصّ مفتوح]
إهداء: إلى الشَّاعرة الدافئة ببهجةِ الشّعر جمانة حدَّاد
2
... .. ... .... .....
أيّتها الرُّغبة الهائمة
فوقَ هلالاتِ الرُّوحِ
لماذا لا تزرعينَ ينابيعَ القلبِ
بأعشابٍ يانعة
على إيقاعِ الموَّالِ؟!
نجمةٌ هائمة
فوقَ أراجيحِ الحقولِ
غيمةٌ هائجة
فوقَ زنابقِ القلبِ
فوقَ أغصانِ الأشبالِ!
تعالي عندما تفوحُ الأزاهيرُ
عندما يضحكُ اللُّيلُ
عندما تحنُّ الصُّخورُ
إلى حبيباتِ الأرضِ
إلى جموحِ الوصالِ!
تغفو الفراشاتُ
فوقَ شطآنِكِ العطشى
إلى بهاءِ المروجِ
يا شمعةَ الرُّوحِ المضيئة
بينَ مروجِ الأنفالِ!
كم مرّة حلمْتِ أن ترتمي
بين أحضانِ العشقِ
بينَ أكوامِ السَّنابلِ
بينَ أنغامِ الأغاني
يا أعذبَ من الماءِ الزُّلالِ!
ضلّتْ معراجُ البوصلة
من ضجرِ النّهارِ
من غربةِ العمرِ
اكفهرَّ وجهُ القصيدة
من هولِ الأهوالِ!
تخلخلت أجنحةُ الأحلامِ
من صدى الفقاعاتِ
من جورِ الخناجرِ
من صقيعِ الرُّؤى
من قباحةِ الأفعالِ!
تقفينَ في وجهِ العتمةِ
شامخةً
مثلَ تكويرةِ النَّهدِ
مثلَ وجهِ الضُّحى
شغوفةٌ في شراعِ التِّرحالِ!
لا يرمشُ جفنكِ
من غضبِ السَّماءِ
هل انبعثتِ من ألسنةِ النَّارِ
أم تبرعمتِ
من أحشاءِ الجبالِ؟
وجهٌ مدمى
من وجعِ المسافاتِ
من هديرِ الموجِ
من أجيجِ الحربِ
من سمومِ الأنذالِ!
تورّمَتْ خاصرةُ الرُّوحِ
اغبرّتِ الرُّؤى
من تفاقماتِ الرّدى
مَن يستطيعُ أن يخمدَ
نيرانَ الزلزالِ؟!
صراعٌ مندلعٌ
بينَ حيرةِ الأبِّ
ويقينِ العاشقِ
تراخَت خيوطُ المحبّة
من صراعِ الأبطالِ!
تمنحينَ عذوبةً
لنسيماتِ الصَّباحِ
لدقَّاتِ القلبِ
للآهاتِ المتماهية
في تلافيفِ الصلصالِ!
هل أنتِ جنّية
مطرودة من الجنّة
ضياءُ وجهكِ لا يختلفُ
عن وهجِ الجنّة
يا أحلى من جنّةِ الجنّاتِ!
أيّتها الأنثى المتناغمة
معَ موشورِ البهجة
أيّتها الوردة المترقرقة
معَ انسيابِ الماءِ
معَ رغبةِ الرَّغباتِ!
يا شفيعةَ القلوبِ المنكسرة
نهداكِ موجتا فرحٍ
يرقصانِ معَ خيوطِ الحنينِ
أنتِ لونُ البداياتِ
لذّةٌ ولا كلَّ اللذّاتِ!
عشقٌ لا يكتملُ
إلا عندَ ضياءِ البدرِ
أنتِ باقةُ حنطة
مخضّبة بخصوبةِ القلبِ
باقةٌ ولا كلَّ الباقاتِ!
أنتِ أنشودةُ الرُّوحِ
رسالةُ فرحٍ منبعثة
من ظلالِ السَّماءِ
ترتيلةُ الزَّمنِ الآتي
نهايةُ النّهاياتِ!
ما هذا العسل المتدفّق
من وجنتيكِ
سحرُكِ يشبهُ زخّاتِ المطرِ
يمسحُ أحزانَ الطُّفولة
وكلَّ الآهاتِ!
تغفو نسائمُ الصَّباحِ
بين هضابِكِ النديّة
عاشقة مسترخية
فوقَ زبدِ البحرِ
شهوةٌ مفتونةُ الواحاتِ!
يكبرُ الحلمُ
فوقَ نضارةِ خدّيكِ
فوقَ وشاحِ الرُّوحِ
يزدادُ سطوعاً
كأنَّه مطرٌ كثيفُ الزَّخَّاتِ!
وجعٌ ينمو
فوقَ تنهيدةِ الحنينِ
فوقَ بساتينِ العمرِ
تعالي يا مطراً هاطلاً
من قبابِ النِّعماتِ!
صراعٌ منذُ فجرِ التَّكوينِ
وقبلَ التكوينِ
تكوينُ النَّهدِ
على صورةِ الارتقاءِ
على كلِّ الجبهاتِ!
تتيبَّسُ شرايينُ الدُّفءِ
كلّما يغيبُ محيَّاكِ
منازلاتٌ لا تحصى
بينَ أمواجِ البحرِ
وجفافِ القارَّاتِ!
أنتِ يا وهجَ الكونِ
يا صديقةَ الثَّلجِ
يا صوتَ الرِّيحِ
أنتِ بوّابةُ الرُّوحِ
إلى ظلالِ الغاباتِ!
هبطَتِ الطيورُ قريباً
من مرافئِ دنياكِ
تداعبُ براعمَ الأزاهيرِ
المتدلِّية فرحاً
فوقَ أهازيجِ السّاحاتِ!
هلْ تلألأتِ
من بخورِ الرُّوحِ
أم أنّكِ شهقةُ حبٍّ منشطرة
من حنانِ اللَّيلِ
من عطشِ الغاباتِ؟!
أنتِ قدري الغارق
في بهجةِ الانتعاشِ
أنشودةُ فرحٍ
مكحَّلة بأبهى الألحانِ
باهتياجِ الموجاتِ!
موجةُ سُرورٍ يتراقصُ فوقها
زبدُ البحرِ
دهشةٌ معطَّرة بعذوبةِِ الحنينِ
قصيدةٌ هائمة
فوقَ أغصانِ الخيراتِ!
تبدَّدي يا صحارى العمرِ
لا تهابي نعيقَ البومِ
ولا فحيحَ الأفاعي
اشمخي فوقَ بساتينِ اللَّوزِ
يا أمَّ الأمَّهاتِ!
أنتِ أوّلُ جنّة عشقتها
منذُ فجرِ التَّكوينِ
أرقى ما صيغَ
فوقَ روابي الزَّمانِ
نصيرةُ كلَّ البركاتِ!
أيّتها العناق الأزليّ
تعالي أفرشُكِ نسيماً راعشاً
فوقَ جموحِ اللَّيلِ
فوقَ أريجِ الحنينِ
فوقَ رحابِ اللَّوحاتِ!
أيّتها الطّاعة المستعصية
على لانصياعِ
أيّتها الخارجة من أسوارِ الجنّةِ
ألا تعجبكِ بيادرَ الخلودِ
يا بهجةَ الجنّاتِ!
تسترخينَ مثلَ عشبةٍ نديّةٍ
فوقَ شفاهِ الكونِ
أيّتها الضَّوء المتماهي
معَ شهوةِ الخصوبةِ
معَ أسرارِ الحياةِ!
كم من الوحوشِ الضَّارية
تآلفَتْ مع عذوبةِ خدّيكِ
كم من الفراشاتِ تاهَتْ
حولَ وميضِ عينيكِ
حولَ اِندلاعِ الجمراتِ!
عندما تسبحينَ
في ينابيعِ العشقِ
تتراقصُ خصلات شعركِ
فوقَ نسائمِ الدُّفءِ
مثلَ هبوبِ الفراشاتِ!
ترتعشُ مفاصلُ الرُّوحِ شوقاً
إلى بهاءِ مقلتيكِ
إلى ضفافِ الأنهارِ
إلى طائرِ الفينيقِ
إلى خبايا الشَّهواتِ!
تغرقُ الآمالُ
في رحابِ الصَّحارى
تبحثُ عن مواعيدِ الرَّحيلِ
عن بزّةِ النَّجاةِ
عن ارتصاصِ الغصّاتِ!
عطشٌ مفتوح
يقودني إلى دنياكِ
إلى مرافئِ الدُّفءِ
لا أشبعُ أبداً
من سموِّ البهجاتِ!
أيّتها التَّائهة
في أدغالِ العشقِ
في بيادرِ الحلمِ
آهٍ .. تواريتِ بعيداً
عن نعيمِ القُبُلاتِ!
أيّتها اللاهية
بين رعشةِ اللَّيلِ
أحنُّ إليكِ كأنَّكِ قدري
هل أنتِ شهقتي الأولى
ولا أدري؟
آهٍ لو تعلمينَ
كم من اللَّظى
كم من الثَّلجِ
كم من الريحِ هبَّتْ
فوقَ مغائرِ العمرِ!
كم منَ الارتعاشِ
كم من الأغاني
وأنتِ ماتزالينَ أنتِ
تهطلينَ فوقَ بيارقِ الحلمِ
فوقَ لواعجِ الجمرِ!
ينمو نداءُ الاشتعالِ
أكثرَ من ريحِ الشِّمالِ
أكثرَ من اشراقةِ الشَّفقِ
يركضُ نحوَ نزوةِ الغيمِ
نحوَ غمائمِ النَّهرِ!
يتضاءلُ مجرى الصِّراعِ
سُكونُ الفيافي
رمالُ البحارِ تزغردُ
على اِيقاعِ الدُّفوفِ
أنشودةَ البحرِ!
تحنُّ المراكبُ
إلى وميضِ عينيكِ
إلى دفءِ العناقِ
تفوحينَ مثلَ وُرُودِ الصَّباحِ
مثلَ عوسجِ القصرِ!
موسيقى أحلى
من خريرِ السَّواقي
من حفيفِ البراري
تنبعثُ من محيّاكِ
كأنَّها تسبيحةُ الفجرِ!
أحنُّ إليكِ
أكثرَ من حنيني
إلى عبقِ الوردِ
تشبهينَ غمامَ اللَّيلِ
أحلى من تكويرةِ البدرِ!
أيَّتها القصيدة العصيّة
عنِ الانصياعِ
عذبةٌ أنتِ مثل النَّدى
مثلَ تغريدةِ الهدى
تُنعشينَ بواطنَ الصَّدرِ!
ألا تحنّينَ إلى جنّتي
أيّتها الطَّريدة
في أعماقِ البراري
كيفَ تتواءمينَ
مع عوالمِ القفرِ؟!
تروِّضينَ رعونةَ الوحوشِ
ولا تأبهينَ أنيابَ الضَّواري
هل في شرايينكِ
تنسابُ بلاسِمُ الحياةِ
أم خضابُ الشِّعرِ؟!
أيّتها الزَّنبقة المتطايرة
من شهقةِ الشَّمسِ
من شهوةِ الغيمِ
من خيوطِ اللَّيلِ
من غبارِ التِّبرِ!
مَنْ يستطيعُ أن يقودَكِ
إلى معابرِ الهدى
إلى كنوزِ البحرِ
إلا خيوطُ الوصالِ
وبسمةُ الفجرِ؟!
ليليت يا صديقةَ حرفي
يا وردةً تائهة
بين شخيرِ الرِّيحِ
تقدحُ عيناكِ شرراً
كأنَّكِ من فصيلةِ النُّمورِ!
وحدُه الشِّعرِ قادرٌ
أن يخلخلَ ضجري
من أوجاعِ الصَّباحِ
من كآباتِ اللَّيلِ
من كمائنِ الغدرِ!
ليليت يا شمعةً منيرة
في سماءِ الصَّقيعِ
يا شراعَ الأماني
يا أشهى من الشَّهدِ
يا صديقةَ البرِّ والبحرِ!
ليليت قصيدةٌ مفتوحة
على أكتافِ الجنِّ
بيروت صديقةُ الأنسِ والفنِّ
عيناكِ مكحّلتان بالعصيانِ
بجموحِ الصَّقرِ!
هل تحلمينَ بشموخٍ
على مساحاتِ القصيدة
أم أنّكِ منارةُ حقٍّ
في وجهِ الطُّغاةِ
في جنوحِ الهدرِ؟!
تتمايلينَ فرحاً
مثلَ غمامةٍ مهتاجةٍ
في وجهِ الرِّيحِ
تهطلينَ ألقاً
في رحابِ الهدى!
أحبُّكِ أكثرَ
من فضاءاتِ الحنينِ
أنتِ حبقُ الشَّوقِ
بتلاتُ وردٍ
أنقى من نضارةِ النّدى!
يا إلهةَ الخصبِ والعشقِ
يا إلهةَ الرَّوضِ والزَّهرِ
يا أبهى بلوةٍ صادفتُهَا
تحتَ قبّةِ السَّماءِ
فوقَ ربوعِ المدى!
يا صديقةَ البحرِ
وأمواجَ المساءِ
يا أيَّتها الذِّكرى الوارفة
بين أغصانِ الحياةِ
بينَ أغوارِ الصَّدى!
أيَّتها الغارقة
في ينابيعِ الحياةِ
تشبهينَ أعشابَ الجنّة
رحيقَ الزُّهورِ
بشائرَ الرِّضى!
يتلظّى المرءُ بعيداً
عن موجةِ دنياكِ
يكبرُ العشقُ
ولا يخشى المرءُ
من هولِ الرَّدى!
يا قصيدةَ القصائد
يا أنثى الأزل
تنمو حولَ ضفائركِ
نداوةُ الرِّيحِ
كأنَّها من مآقي الأقاحي!
أيّتها المستعصية عَنِ الفهمِ
يا أعمقَ من مفاهيمِ
هذا الزّمان
يا خفقةَ قلبٍ معجونة
من طراوةِ التُّفّاحِ!
يا أقدمَ من الزّمانِ
من تضاريسِ الكونِ
من رعشاتِ القصائد
يا هديراً ساطعاً
في قلبِ الرِّياحِ!
أنتِ أولى الرَّعشات
وأطيبَ الرَّعشات
يا سفينةَ العمرِ
يا وسادةً مبلَّلةً
بوشاحِ الارتياحِ!
أنتِ شهيقُ روحٍ متلألئة
في بيارقِ السَّماءِ
فَرَرْتِ من الجنّةِ
تبحثينَ عن سطوعِ الشَّمسِ
عن بهجةِ الاشراقِ!
أنتِ وميضُ العشقِ المتناثرِ
من جموحِ الضّياءِ
تهتاجينَ مثلَ الجمرِ
مثلَ خمائلِ الوردِ
بحثاً عن بذورِ العناقِ!
تخلخلين رتابةَ الصَّوتِ
صليلَ الشِّجارِ
تسبحينَ في لجينِ الموجِ
حلمٌ من لونِ الحنينِ
من أحلى المذاقِ!
لا تأبهينَ الموتَ
ولا مهاميزَ الغدِ الآتي
وحدُهُ البحرُ قادرٌ
أن يغدقَ على الدُّنيا
أثمنَ الأرزاقِ!
تمسحينَ أنينَ الأرضِ
برحيقِ بخورِ العمرِ
تتوارى جذوةُ النّارِ
بعيداً عن دنانِ الخمرِ
عن شراعِ الفراقِ!
تلبسينَ قلنسوةً
من وبرِ وحوشٍ برّية
تقيكِ من غضبِ الأرضِ
من لهيبِ الغدرِ
من هجومِ التُّرياقِ!
تعالي يا نسغَ الحياةِ
نزرعُ بذورَ الشّعرِ
فوقَ وجهِ الغمرِ
فوقَ وجنةِ الغمامِ
فوقَ رحابِ الآفاقِ!
لا تقلقي يا صديقةَ اللّيلِ
يا سيّدةَ الغاباتِ
وجهُكِ باقةُ قرنفلٍ
يزدانُ مثلَ الأزاهيرِ
من وهجِ الأشواقِ!
أنتِ شهقةُ عشقٍ
مندلعة من رحمِ الكونِ
صديقةُ الماءِ والأرضِ
صديقةُ اللَّيلِ والنَّهارِ
صديقةُ الغرامِ الرَّاقي!
خشوعٌ يهفو إليكِ
يحومُ حولكِ
كأنَّكِ ركنُ خلاصٍ
من أركانِ المعابدِ
من تخومِ الأعماقِ!
تنثرينَ حُبيباتِ الرُّوحِ
حولَ فناءِ الحوشِ
فتنمو براعمُ النَّدى
في رحابِ القصائدِ
فوقَ أعشابِ السَّواقي!
يتفاقمُ الحنينُ إلى لقياكِ
إلى غمرةِ التحدِّي
تنسابينَ بعذوبةٍ وارفة
في بيادرِ الدُّفءِ
كانسيابِ الماءِ الرقراقِ!
هل تقمّطتكِ المحبّة
من نضارةِ الرُّوحِ
من تغاريدِ الهداهدِ
أم من بركاتِ الأعالي
ومن وميضِ الأحداقِ!
لا تخضعينَ
إلا لاندلاعِ الاشتعالِ
أيّتها المكتنفة بخمرةِ الانتشاءِ
بهالةِ البدرِ
بأريجِ الرِّيحانِ!
أيّتها المخضّبة بيخضورِ الحياةِ
كيفَ يستطيعُ آدم
أن يعيشَ
بعيداً عن دفئكِ
يا عبيرَ البيلسانِ؟!
وشمُ آزالِ العشقِ
موشومٌ على نضارةِ خدِّيكِ
على إيقاعِ البقاءِ
هل تحنّينَ كثيراً
إلى ظلالِ البستانِ؟!
كيفَ تُطرحُ الذُّكورة قوّةً
والذُّكورُ تخورُ حالما تسطعُ
رقّةَ النِّساءِ؟
لا أؤمنُ إلا بقوّةِ العشقِ
ونقاءِ الوجدانِ!
قوّةُ الحبِّ
لا يضاهيها
إلا رحابةَ الصَّدرِ
إلا براءةَ الوردِ
إلا إنسانيّةَ الإنسانِ!
قوّةٌ الحبِّ
قوّةٌ من وهجِ الجمرِ
من نسغِ الاشتهاءِ
تنسابُ كإيقاع المزاميرِ
كأمواجِ الألحانِ!
أيّتها الحقيقة السَّابحة
فوقَ سديمِ المدائن
فوقَ بحارِ العمرِ
تعالي أرسـمُكِ برعماً
فوقَ دموعِ الأوطانِ!
أيّتها الأمُّ الملوّنة
بإخضرارِ الجنائن
أيّتها الغاوية المتعرّشة
بأجنحةِ الحمائمِ
أهلاً بنسيمِ الإيمانِ!
طيرٌ من طيورِ الجنّة
أسطورةُ الزَّمنِ الآتي
أسطورةُ الأساطيرِ
قصيدةُ فرحٍ
من أبهى الأفنانِ!
يخفتُ حنانُ الرِّجالِ
إلى أحضانِ اللَّيلِ
كلّما تغيبُ بعيداً
طراوةُ نهدَيكِ
كأنَّكِ ماءُ الأبدانِ!
تشمخين نحو الأعالي
مثلَ جبالِ هيمالايا
مثلَ ألوانِ معلولا
بلسمٌ أنتِ
تشفينَ كلَّ الأحزانِ!
هل نبتَتْ أجنحتُكِ
من غضارِ الرِّيحِ
أم أنّكِ معجونة
من وميضِ الآلهة
من رذاذِ الصوّانِ؟!
هل تتقمّصُكِ أحياناً
تجلّيات نسّاك الهندوسِ
أم أنّكِ تتواصلينَ
كلَّما يهبطُ اللَّيلُ
معَ أغوارِ البركان؟!
هل ترعْرَعْتِ
مع راهباتِ المغائرِ
المعبّقة ببخورِ المحبّة
أم أنَّكِ شهقة أنثى
من موشورِ الألوانِ؟!
هل زارتْكِ يوماً جنّية
مخضّبة بالنّارِ
أم أنّكِ محصّنة
بضياءِ القمرِ
بغاباتِ المرجانِ؟
كيف تنسجينَ
جموحكِ العشقيّ
يا صديقةَ البحرِ
يا لونَ البداياتِ
يا جناحَ البنيانِ!
تنمو ارتعاشاتُ الحرفِ
بين أجنحتكِ النَّدية
أيَّتها الموشَّحة
ببهاءِ الأناقةِ
بجموحِ الإقدامِ!
أيَّتها المنسابة كحبقِ السَّوسنِ
في رحابِ الرَّشاقةِ
رشاقةُ عشقٍ مفتوحة
على شهقةِ البحرِ
على خريرِ الغرامِ!
يا صديقةَ الجبالِ
يا زهرةً يانعة
فوقَ تخومِ الوديانِ
نسائمُ البحرِ أنتِ
في خضمِّ الأنغامِ!
كم من الأوجاعِ
حتّى اندلعَتِ النِّيران
فوقَ خاصراتِ التِّلالِ
كم من البوحِ
حتّى انقشعَ أنينُ الآلامِ!
أيّتها التَّائهة
بين براري الرُّوحِ
هل تخضّبَتْ جوانِحُكِ
من تلألؤاتِ النُّجومِ
أم من جموحاتِ الهيامِ؟
كم مرة غفوتِ
تحتَ ظلالِ الكرومِ
تنتظرينَ شروقَ الشَّمسِ
خيوطَ النَّهارِ
اندحارَ الخصامِ؟!
كم مرّة عانقتِ
اهتياجاتِ البحارِ
خشخشاتِ الرِّيحِ
تحلمينَ برذاذاتِ الثَّلجِ
ببشائرِ الأحلام؟!
تبدِّدينَ زمهريرَ الصَّحارى
بشهقةٍ راعشة
من وهجِِ الاخضرار
من سموِّ التجلِّي
من نِعَمِ السَّلامِ!
أيّتها الأنثى المبلسمة
بنكهةِ التفَّاحِ
تزدادينَ ألقاً
منذُ بزوغِ الفجرِ
حتّى اكتمالِ الختامِ!
لماذا يرتعشُ خافقُ الرِّجال
عندما يرتمي أشجعهم
بين تلالِكِ المعشوشبة
حيثُ دفءِ الحياةِ
يتهاطلُ مثلَ هديلِ الحمامِ؟!
قرأتُ بشهيّة مفتوحة
"عودة ليليت"*
عودة ولا كلّ العودات
قصيدةُ انذهالٍ
من أبهى الكلامِ!
جمانة حدّاد
فارسةُ حرفٍٍ دائمِ الاشتعالِ
يتراقصُ حرفُها
على إيقاعِ اللَّيلِ
على طقوسِ الوئامِ!
تكتبُ من وهجِ الحنينِ
من بحرِ الأماني
تنقشُ حرفها
فوق تضاريسِ الارتقاءِ
فوقَ أسوارِ المرامِ!
تنبشُ ميادينَ البدءِ
تعانقُ ارتقاءَ القلبِ
ترفعه إلى مصافِّ الشَّمسِ
إلى رعشةِ الرُّوحِ
إلى أرقى المقامِ!
يا صديقةَ الحرفِ
كيفَ تلتقطينَ جموحاتِ "ليليت"
وأنتَِ غارقة
في دموعِ بيروت
في بؤرةِ الموتِ الزُّؤامِ!
بيروت يا بهجةَ اللَّيلِ
وضجر النَّهارِ
بيروت يا بسمة الحنينِ
إلى تلاوينِ الغيومِ
إلى أبراجِ العظامِ!
ليليت أنثى من بخورِ المحبّة
من ضوءِ الأماني
أيّتها المنبعثة
من شهيقِ الآلهة
من طينِ الكرامِ!
لماذا هربَتْ ليليت
من جنّةِ الخلودِ
من نضارةِ السَّماءِ
هل هربَتْ من القنوطِ
من سياطِ الأحكامِ!
هل ثمّةَ خلودٌ أكثرَ
من خلودِ ليليت
أيّّتها الجامحة
نحوَ وميضِ الشُّهبِ
نحوَ سديمِ الغمامِ!
أيّتها الأنثى التَّائهة
في ضجرِ الصَّحارى
تفرّينَ من روضِ الفراديسِ
بحثاً عن غرامٍ
بينَ نسيمِ الخيامِ!
... ... ... ... يتبع!
ستوكهولم: كانون الثاني 2005
..............: خريف 2005
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com
* بخورُ الأساطيرِ القديمة: مقاطع من أنشودة الحياة.
** ليليت: جاء ذكرها في الميثولوجيات السومريّة والبابلية والآشورية والكنعانيّة كما في العهد القديم والتلمود. تروي الأسطورة أنّها المرأة الأولى، التي خلقها الله من التراب على غرارِِ آدم، لكنَّ ليليت رفضت الخضوع الأعمى للرجل وسئمت الجنّة، فتمرَّدَت وهربت ورفضت العودة. آنذلك نفاها الربّ إلى ظلالِ الأرض المقفرة ثمَّ خلق من ضلعِ آدم المرأة الثانية، حوّاء. (هذا التعقيب** جاء في مقدّمة نصّ جمانة حدّاد).
*أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل (مائة صفحة)، مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء السابع حمل عنواناً فرعياً:
بخور الأساطير القديمة
رد: بخور الأساطير القديمة ـ 2 ـ
كلمات جميلة اخ صبري تحياتي ألك
شكري عبد الأحد-
عدد الرسائل : 222
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 29/09/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى