الغفران
صفحة 1 من اصل 1
الغفران
الغفران
لما بدأ يدب عمل روح الله في دواخلنا، كانت النتيجة في معظم الحالات أننا بدأنا نحس بخطايانا والمذنوبية التي تلازم هذه الخطايا، وبالتبعية بدأنا نبحث ونطلب الغفران، بدأنا نشعر بالحاجة إلى الصفح عن خطايانا وإلى معرفة هذا الصفح.
ونحن نعتقد أن قارئ هذه السطور له معرفة بالغفران ومع ذلك يحسن أن نتناول بالتعليق تعليم الكتاب عن هذا الموضوع بهدف الوصول إلى إدراك مرتب ومنظم لهذه البركة العظيمة والأساسية من بركات الإنجيل.
ولنلاحظ قبل كل شيء أنه لما دخلت الخطية بمعصية آدم وتردي الجنس البشري كله في السقوط كانت النتائج كثيرة جداً ومتنوعة ومتشعبة وأول وأكبر أثر للسقوط أن أصبح آدم مذنباً. يستشعر الذنب في ضميره جميع الناس تحت قصاص من الله - أخطأ الجميع.
لكن الكتاب يتكلم عن أناس يسميهم "أهل التحزب" ولا يطاوعون الحق (رو2: تبلّد الضمير في هؤلاء وهم كثيرون لا يقرون بالذنب وينكرون حقيقة السقوط ويتحدّون كلمة الله إذ يرفضون ما تقرره الكلمة من أنهم خطاة. بل ويدافعون عن مبدأ وجود الخير في الإنسان وأن الإنسان بطبعه يتّطلع إلى ما هو أفضل ويرفضون حتى وجود حدود للخير وللشر ويقولون أن الخير والشر كلمتان لهما معاني نسبية. فالخير هو ما يقبله الإنسان المتعلم المتقدم والشر هو ما يرفضه هذا النوع من البشر. وإذن فالصواب والخطأ هما قيمتان تتفاوت مناسيبهما حسب مفهوم العصر للأدبيات والأخلاقيات. والحكم في ذلك هو العقل البشري. والشر أو الذنب هو الخروج على مبادئ وأوضاع ما ارتضاه المجتمع الراقي المتعلم. فالمذنب هو المذنب أمام الناس من حوله.
أما كلمة الله فترينا أن القضية مع الله وليست مع الناس، والمذنب هو المذنب ليس أمام الناس بل أمام الله. ورسالة رومية تضع أمامنا من أولها هذه الأشياء:
(1) إنجيل الله (2) ابن الله
(3)قوة الله (4)بر الله
(5) غضب الله (6) مجد الله
(7) دينونة الله.
والله القوي البار الديّان هو نفسه الخالق، إذن مستويات الإدراك والفهم والاستنارة في الناس وهي أمور غير ثابتة أو راسخة لا تصلح قياساً وإنما نجد أنفسنا أمام قياس الله الخالق ذي البر الذي لا يتذبذب ولا يتأرجح ولا يتغير.
قد يحتاج الأمر إلى بعض الجهد لإقناع الضمير بأنه مذنب لدى الله، لكن هذا الإقناع ليس على هذه الدرجة من الصعوبة مع الناس البرابرة والوثنيين ويكفي أن تُتلى عليهم قائمة الخطايا والرذائل المذكورة في (رو1: 18- 32) لإقناعهم بأن لا عذر لهم في هذا الإسفاف نتيجة تحوّلهم عن الله.
لكن غير البرابرة ممن وصلوا إلى مستويات من الحكمة البشرية والحضارة- هؤلاء عندهم الشر نفسه والخطايا نفسها التي عند البرابرة لكنها فقط مُقَنّعة مهذبة وهؤلاء أيضاً بلا عذر. هؤلاء وأولئك ينتهي النقاش معهم بأن يُذَكِرهم بولس بأن:
(1)-أن دينونة الله على هذه الشرور هي حسب الحق.
(2)-أن هناك يوم سوف تستعلن فيه دينونة الله العادلة.
(3)-أن ليس عند الله محاباة.
وإذن فلا مفر من دينونة الله التي حسب الحق بلا أقل انحراف وحسب العدل بلا أقل تساهل ولا تدخل فيها أية محاباة. لذلك ليس هناك أمل في تفادي هذه الدينونة إنها دينونة يستَد أمامها كل فم. فم البربري وفم اليوناني- المتحضر وغير المتحضر، المتخلف والعصري ثم هناك قطاع آخر من البشر هم اليهود- الذين نشأوا في ظل ثقافة ليست مجرد ثقافة طبيعية بل هي ديانة بترتيب إلهي. هؤلاء بالدليل الكتابي من واقع المكتوب الذي بين أيديهم وُجدوا مديونين لأنهم بالطبيعة يعملون ما يعمله الخطاة من غير اليهود وبكسر الناموس يهينون الله، واستحقوا دينونة الناموس "لأن كل ما يقوله الناموس فهو يكلم به الذين في الناموس "أي اليهود لكي يستد كل فم ويصير كل العالم تحت قصاص من الله.
ريمون عبود- Admin
-
عدد الرسائل : 80
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 10/10/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى